2022 Jun 04

لا تستهينوا بغضب الرغيف وبلعنة أتباعه ....

الساعة_25:نضال فضة

لقد أكرمنا الله في هذا البلد بثلاث , القمح والنفط والمقدرة على عدم التنعّم بأي منهما .. ثلاث أنتجت خليطا قوامه الاستهجان واليأس والأمل .. خليط تستطيعون رؤيته جيداً على وجوه الواقفين في طوابير الأفران والكازيات والجمعيات الخيرية ..

رفعوا ثمن رغيف الخبز أضعاف مضاعفة بذريعة التمكن من توفيره وتحسين جودته , لكنه ازداد ندرة وتشوّهاً .. هذا الرغيف الذي يهرب البعض منه خوفاً من السمنة و آخرون يركضون وراءه خوفاً من الموت جوعاً بدأت مجدداً حرارة الصيف تفضح عيوبه غير المبررة لجهة اللون والرائحة والحجم والطعم والمرونة وصلاحيته للاستخدام البشري .

اتباع الرغيف يسألون .. طالما جميع الافران تتزود من نفس الطحين والخميرة , فلماذا رغيف بعضها أفضل من بعضها الآخر؟ .. لماذا جودة الرغيف ضمن الفرن الواحد تختلف بين الليل والنهار , بين وردية وأخرى , بين ساعة وأخرى؟ .. لماذا على الخط الواحد هناك رغيف جيد وآخر مشوّه؟ .

اتباع آخرون يزعمون امتلاكهم الأجوبة واختصروها بثلاثية قلة الضمير والأخلاق والتواطؤ الرقابي.. ثلاثية تُبيح سرقة الخميرة والطحين والملح والمحروقات وتخريب أكبر كمية ممكنة من الخبز على خطوط الإنتاج تمهيداً لبيعها بطرق ملتوية وووو , وثمة أشياء نقولها في قلبونا حين تعجز ألسنتنا عن التصريح بها.

"معجزة" توطين الخبز جاءت لتزيد الطين بله , حيث الغالبية العظمى من معتمدي هذه المادة يستجرونها من الافران ليلاً وهي ساخنة ويمتنعون عن بيعها حتى الصباح , مما يجعلها غالباً غير صالحة للأكل , هذا دون إغفال المزاجية في تحديد سعر الربطة الواحدة .. وهنا يتساءل هؤلاء الأتباع لماذا لا تحل جهات رسمية مكان المعتمدين فتذهب الأرباح للخزينة العامة بدلاً من أشخاص أصابهم البطر ؟ .

السادة "المسؤولون" لماذا أنتم صامتون , جامدون .. طالما هناك دعم وتكاليف كبيرة لتوفير الرغيف فلماذا لا يتم انتاجه بشكل جيد .. كيف تستطيعون التغلب على أكثر المراحل صعوبة مثل استيراد القمح وتأمين السيولة ولا تستطيعون السيطرة على صناعته داخل الأفران ..

السادة "المسؤولون" قد يشك الناس بما تقولون لكن سوف يؤمنون بما تفعلون , فالشارع يميل فقط إلى تصديق أولئك الذين لا يعرفهم لأنهم لم يخدعوه من قبل .

السادة اللامسؤولون قد يُنظر إلى الخبز على أنه علم ، لكن الكيمياء بين المكونات والطهي هي التي تمنح الخبز الحياة , فحين يتم الخبز بدافع إسعاد الآخرين ستجد الجميع يبتسمون ويشكرون والعكس صحيح .

القدر كان طيّباً معي .. لم أكُن مجنونًا ولا أعمى , سوى أني مازلت أريد رؤية الرغيف بسعرٍ أقل وحياةٙ البشر بسعر أغلى..كلمات قالها رسول حمزتوف منذ زمن وكأنه يعيش بيينا اليوم ,كأنه يعلم أن في بلادنا من يتلاعب بالرغيف فيما هناك من يقسم به ومن ثم يأكله..

رحل محمد الماغوط وهو يقول .." لا أراهن على نفاذ الخبز أو الماء او الوقود بل أراهن على نفاذ الصبر" .. رحل ولا أعلم عن أي صبر يتحدث ..هل هو تين الصبر ؟..