سأل شريكه في الشقاء هل أنت صائم .. أجابه : لا أنا مريض وليس على المريض حرج .. قال : لكنك لست مريضاً .. أجاب أنا فقير .. قال : ما علاقة هذا بذاك .. أجاب أليس الفقر مرضاً وهل هناك مرض أخطر وأصعب من الفقر؟.. قال لكن عندما تتماثل للشفاء عليك بعدة من أيام أخر .. أجاب لله ذلك إذا شفاني .

هو حوار سوري رمضاني يؤكد أنه إذا بدأ عامة الناس بإنتاج وصناعة النكتة هذا يعني أنهم يشعرون بالجوع .. يؤكد ضرورة إدراك معنى أن يصل الدين إلى أهل السياسة والتجارة وألا يصل أهل الدين إلى السياسة والتجارة .. إدراك لماذا يُصرّ البعض على تحويل هذا الشهر الفضيل من ثلاثين يوماً مباركاً إلى ثلاثين مسابقة أو حلقة تلفزيونية .. إلى ثلاثين سحور بلا سحور .. إلى ثلاثين إفطاراً بلا إفطار .. إلى ثلاثين صحن فتوش بلا فتوش .

شدّني حديثهما فتقصدت متابعة السير خلفهما في السوق فقال أحدهما للآخر : لو أنا و زوجتي وابني وابنتي تناولنا يومياً فقط أربع بيضات على السحور (4000) ليرة وكيلو لبن على الإافطار(5000) ليرة إضافة إلى حاجتنا من الخبز (1000) ليرة يعني أننا بحاجة إلى 300 ألف ليرة خلال شهر رمضان بينما راتبي وراتب زوجتي يبلغان معاً 245 ألف ليرة ..

إن توفير لوازم الصيام للأولاد فوق طاقتنا بكثير ..الله لا يسامح من كان السبب ,هي آخر عبارة استطعت استراقها قبل أن يدخلا إلى أحد المحال في السوق. هي أسئلة لمن يتحكمون بمعيشة العباد .. ما رأيكم بمن يرى أنه في هذا الشهر تُرفع الأعمال الصالحة ويجب الحرص على الإكثار منها .. ما رأيكم بمن يرى أن الفقر ليس خطيئة وإنما الخطيئة أن يكون المرء غنياً فيُهين الآخرين ؟ ..

هل جنون المال والكراسي جعل بعضكم غير قادر على التمييز بين الأعمال الصالحة وتلك الخبيثة .. على تمييز أصحاب اليمين واليسار في حدود الله عن أصحاب اليمين واليسار في حدود السياسة .. ما رأيكم بمن يرى أن حكمة رمضان لا تتم إلا إذا شاركتم الفقراء في الأكل والشرب وفي الجوع والعطش .. وهل كما يُقال أن أكثركم وخاصة ممن أكلوا الأخضر واليابس مستعدون كالعادة للمشاركة فقط في الأكل والشرب .. وهل كما يُقال أن من يعملون على صناعة مجتمع لا يهمه الجائع إلا إذا كان ناخباً ولا يهمه العاري إلا إذا كانت إمرأة, عليك أن تتوقع منهم أسوأ مما هو متوقع .

ما رأيكم بمن يدعونكم لأن تكونون في رمضان ربانيين لا رمضانيين , لأن تزيحوا أثقالكم عن الناس وتمنحوهم فرصة الحياة ؟ .. ما رأيكم بمن يرى في شهر رمضان فرصة كبيرة لتهذيب النفس والتوبة والغفران ويجب الحرص عليها ؟ .. هل هذا فوق طاقتكم أم أنكم تعتبرون أنفسكم من المعصومين .

أما أنت يا سيدي(المواطن) الذي يتم التحكم به بكل شيء .. يقولون في رمضان جاهد نفسك قدر استطاعتك واغسل قلبك قبل جسدك ولسانك قبل يديك وأفسد كل محاولاتهم لإفساد صيامك .. هل أنت قادرعلى ذلك , أم أنهم استنفذوا كل طاقاتك؟. يا سيدي : لا تبحث عن النكد هو يعرف عنوانك .. إن خليط القهر والجوع والحكمة والجنون خليط نعرفه جيداً تستطيع رؤيته على الوجوه طيلة العام ويبدو أكثر وضوحاً في رمضان.

يا سيدي : البشرية عاشت حتى اليوم على الأصنام ,أصنام في القانون وأصنام في الاقتصاد ,وأصنام في الأخلاق ووو لكن هناك من يرى أن ولادة طفل جديد كل يوم يعني أن الله لم ييأس بعد من البشر

الساعة 25: نضال فضة