هل هناك ضوءٌ أخضر لزيادة مساحة حريات التعبير ؟ ..
اليوم وقد بات الصمت أسلوب التعبير الأكثر شعبية ..اليوم حيث يهرب الناس إلى النكته للإشارة الفساد ورداءة الأداء في بعض المواقع .. اليوم ونحن نمتلك أكبر عدد من الخطوط الحمراء في العالم ..
اليوم أظهر تعميم بعدة أسطر من وزارة العدل حول حرية التعبير كم الشارع متعطش للصراحة بينه وبين حكوماته .. متعطش للحكي علانية عن همومه وأوجاعه من دون خوف .. متعطش لوجود مسؤولين يفهمونه ويفهمهم ..متعطش للتخلص من كابوس عبارات "وطي صوتك مو ناقصنا مشاكل هلق حدا بيسمعنا " , "بكرا بياخدوك وحتى الدبان الأزرق ما بيعرف وينك", " هلق حدا بينتفك تقرير بيجيب أجلك"..ووو..
اليوم وفي الذكرى الأولى لتعميم وزارة العدل رقم 3 لعام 2022 والذي يشير فقط إلى ما جاء في المادة 42 من الدستور والتي تقول أنه من حق كل مواطن أن يعبّر عن رأيه بحرية وعلنية سواء بالقول أو بالكتابة أم بوسائل التعبير كافة .. في هذه الذكرى نستذكر مقولة لمارك توين عمرها أكثر من 128 عاماً " لقد منّ الله علينا بثلاث ,حرية التعبير وحرية التفكير والمقدرة على عدم تطبيق أي منها ".
في هذه الذكرى يتساءل البعض هل هذا التعميم الذي تم تداوله منذ أيام حقيقي ؟، ولماذا بعد عام من إصداره خرج إلى الواجهة الإعلامية ؟.. وهل نحن بصدد فتح صفحة جديدة مع الرأي العام ؟.. هل هناك ضوء أخضر لتوسيع هامش حريات التعبير بما يماشي متطلبات المرحلة؟ .. هل نحن بصدد تفهّم فكرة أن الشجاعة ليست قبول الرأي الذي يعجبنا وإنما ان قبول الرأي الآخر ؟.
في هذه الذكرى هناك من يرى أننا مازلنا نمتلك عدد كبير من الخطوط الحمراء يتجاوز عدد خطوط الطول والعرض للكرة الأرضية .. يرى أن هناك فرق كبير بين الخطوط الحمراء الحقيقية وبين الخطوط الحمراء الاصطناعية و الخطوط الحمراء الوهمية .. هناك فرق كبير بين الخطوط المرتبطة بالرموز الوطنية المتعارف عليها في كل البلدان وبين تلك الخطوط المرتبطة بأمزجة البعض ومصالحهم الخاصة.
في هذه الذكرى البعض يرى أنه في بلدنا لم يعد هناك شيء بعيد عن السياسة فكل القضايا سياسية .. الشكوى من البرد أو الجوع يتم تسييسها .. الامتعاض من الأوضاع المعيشية سياسة .. انتقاد واقع الكهرباء والتعليم والمواصلات سياسة .. انتقاد فاسد أو لص رسمي سياسة .. صناعة الحلويات سياسة .
سيادة المسؤول أحاول قدر الإمكان ألا أسيء التعبير , فحاول قدر ما تستطيع ألا تسيء الفهم فمثلما هناك أشياء لا يمكن التعبير عنها إلا بالمعانقة هناك أيضاً أشياء لا يمكن التعبير عنها إلا بالكلمة الصريحة الصادقة .
إلى من تعودوا الصيد في الماء العكر .. إن حرية التعبير التي أتحدث عنها هي نفسها التي تحدث عنها الدستور ونفسها التي يحميها القانون ,هي نفسها التي هدفها الصالح العام ,هي نفسها التي تضمن مشاركة الشعب في قرارات الحكومات .. هي غير تلك التي غايتها الفوضى والخراب والمصالح الشخصية وتصفية الحسابات ..
الساعة 25: نضال فضة