سيع.. طبيعةٌ ساحرة .. وآثار حضاراتٍ مكنونة
السويداء25- ريمه عماد:
في هدوءٍ ساحر .. وبعيداً عن الازدحامِ وضوضاءِ المُدنِ، تتربعُ "قريةُ سيع" واحدةٌ من أجمل القرى الأثريَّةِ الوادعةِ في محافظة السُّويداء، فهي القريةُ الجامعةُ بين الجاذبِ السِّياحيِّ والموقعِ الأثريِّ معاً.
تتميزُ بموقعها الجبليّ الذي ساهمَ في امتلاكها مُناخاً مميزاً لا يخلو من هواءٍ عليلٍ وطبيعةٍ خلّابة تُزيِّنُها الأشجارُ المثمرة والحِراجيةُ المنتشرة بين بقايا الحجارة البركانية السوداء.
تتبعُ سيع إدارياً لبلدةِ قنوات، وتبعُدُ عنها حوالي 1كم جنوباً حيثُ تُطلُّ على وادي الغار والتلالِ المُشرفةِ على بلدتي قنوات ومفعلة.
صُنِّفت القريةُ زراعياً، أما جُغرافياً مازالت مجهولةَ الهوية ومُدوَّنةً كأرضٍ غيرِ خاضعةٍ للتَّحديدِ، فلا يحقُّ لأحدٍ بالتَّوسعِ والبناءِ على أملاكه أو توسيعِ الطرقاتِ الضّيقةِ رُغم أنَّها مُخدَّمةٌ بالكَهرباءِ والهاتف والقليل من مياه الشرب.
أكثر ما يقصِدُهُ القاصدون قريةَ سيع هو ممارسةُ رياضةِ المشي والمغامرة، إذ يوصِلُ إليها مساران؛ أولُهما عن طريق قنوات، والآخر عن طريق سد الروم في ظهر الجبل.
يمرُّ في القريةِ وادي الغار /وادي الذهب قديماً/، ويكمل طريقه لبلدة قنوات يقطعه عددٌ من الجسور.
تعدُّ هذه المنطقة غنيةً بمياهِ الينابيع، وفيها عددٌ كبيرٌ من البرك التي صُممت في عصر الرومان، وأخرى صنعها الأهالي للإفادة منها في الريِّ .. وعندما تكثر الأمطار والثلوج تتشكَّلُ على إحدى البركِ الرُّومانية جنوبي شرقي سيع شلالاتٌ بديعةُ المنظرِ تستمرُّ لما يزيدُ على شهر في موسم الربيع، كما يوجد في الجهةِ الشمالية لتلّةِ سيع بركةٌ كبيرة يسميها الأهالي "المطخ"، تستخدم للأغراض الزراعية.
تُعد سيع واحدةً من المناطق الأثرية المهمة في المحافظة حيثُ كانت مَحَجَّاً لقبائلِ آرام والعرب في الألف الأول ق.م، وخلَّدها الفنانون القدماءُ في لوحاتٍ رائعةٍ زيَّنوا بها مداخلَ معابدهم، ومن أبرزها معبد بعل شامين (إله السموات) الذي يعود إلى القرن 31 ق.م، ويُعدُّ أضخمَ وأقدمَ معبدٍ جنوبي سورية، إذ يتميَّزُ بجمالِ زخارفه النباتيةِ والنقوش على تيجانِ الأعمدة.
وكشفت عمليات التنقيبِ فيها أيضاً عن جملةٍ من المُكتشفاتِ الأثريةِ كان أبرزُها أساسات السُّور الجنوبيِّ للمعبد التي تلتقي مع الواجهة الشرقية له بطول 17.5م..
كما تمَّ الكشفُ عن تمثالٍ برونزي قديم يُمَثِّلُ إله الأطفال "هاربوكرات"، وعددٍ من اللُقى الحجريةِ .. إضافةً إلى كسر مذبحٍ حجريٍّ ومَسَلَّة حياكة مصنوعة من البرونز وبقايا كتابتين يونانيتين وعددٍ من النقودِ العائدة للفترتين النبطية واليونانية.
تبعد آثار القرية عن البيوت السكنية، وهي بحاجةٍ إلى مخططٍ تنظيمي يُعطي الملكيةَ لأصحابِ العقارات بشكلٍ نظامي (وهو الأمر الذي سعى إليه أهالي القرية وناشدوا المعنيين به مراراً).