مكتبة في إنسان .. "أسد الجوهري" يقدم ثمانين عاماً من الثقافة لأبناء بلده
الساعة25- نادين العريضي:
قلةُ هم من يعرفون قيمة الكتاب في عصر طغت فيه التكنولوجيا على كل ما هو طبيعي إنساني وحقيقي، قلةٌ من يتنفسون رائحة ورق الكتب ويعتبرونها أزكى الروائح، قلةٌ من يحتضنون الكتاب بحنان الأبوة ويصرفون عليه كأنه أحد أبنائهم.
العم أبو جهاد "أسد توفيق الجوهري" ذو الواحد والثمانين عاماً ابن مدينة صلخد في السويداء هو أحد هؤلاء المثقفين والمدافعين عن الثقافة ونشرها بين أبناء بلدته.
عن حياته وعمله حدثنا العم أبو جهاد بصوته المتهدج المُثقل بخبرة السنين فقال لموقع الساعة 25: "بدأتُ حياتي كعاملٍ بسيط كنت أعمل في أحد المحلات ثم تقدمت لوزارة العدل وتوظفت فيها في السويداء، وبعد الترفيع تم نقلي إلى الرقة وقضيت فيها 4 سنوات ونصف على أمل العودة إلى السويداء ولكني انتقلت إلى دمشق وأمضيتُ باقي خدمتي الوظيفية كمساعد عدلي فيها حتى أصبح عمري 60 عاماً تقريباً، قدمت بعدها استقالتي وفتحت محلاً تجارياً في دمشق بمبلغ 10 آلاف ليرة سورية ومنه كونت ثروةً للأولاد، ولكن الرغبة في العودة إلى السويداء ظلت تراودني رغم أني لم أنقطع عنها في العطلات، ومنذ حوالي 6 سنوات تقريباً عدت للاستقرار الدائم فيها"
ويتابع أبو جهاد "أما ثروتي الخاصة فكانت المكتبة التي بدأت بجمعها منذ عام 1961 وما زلت مستمراً حتى اليوم، حيث كنت أقتطع من قوت العيال لكي أشتري كتاباً وقد بدأت بجمع الكتب منذ كنت في دمشق ورأيت المكتبات الكبيرة فكنت أشتري الكتب منها حتى أسست هذه المكتبة"
ويضيف "كان هدفي الأول من جمع الكتب هو أن أقرأها وأثقف نفسي وقد قرأت معظمها فعلاً، ولكن بعد أن وجدت هذا الكم الكبير من الكتب لدي قررت أن أفيد أولاد بلدتي بها وأساهم في نشر الوعي الثقافي والعلم في المجتمع".
العم أبو جهاد لديه من الأولاد خمسة شباب وثلاثة بنات و2500 كتاباً مجلداً، تاريخي، ديني، سياسي، اجتماعي، فلسفي وروحي إضافةً إلى القصص والروايات شكّلَت مكتبته الخاصة التي تحتل ركناً في منزله مخصص للزيارة والمطالعة والإعارة كخدمةٍ مجانيةٍ للناس.
حب العم أبو جهاد لخدمة الناس ورغبته بنشر الثقافة لم تقتصر على المكتبة المجانية حيث كان يخصص في الماضي مبلغاً لكل مدرسة يشتري بها الكتب ويُهديها للمدارس للمساعدة على تأسيس المكتبات المدرسية، وقد تم تكريمه عدة مرات في مدينته صلخد على جهوده ومساهماته هذه في نشر الثقافة.
واليوم مكتبة العم أبو جهاد مفتوحة لكل الناس مجاناً وهو متفرغ لها ولخدمة القراء ومساعدة الشباب في التحضير لحلقات البحث الجامعية يومياً .. فما أحوجنا لشخص واحدٍ من أمثال العم أبو جهاد في كل قرية أو بلدة لتكون الثقافة والعلم بألف خير.
هذا هو ابن البلد أسد توفيق الجوهري ...